تعرف على الحمل الكاذب عن قرب .
بقلم محمد منير.
إنها فطرة عجيبة جُبل عليها الإنسان، أن يكون لديه حب غريزي للإنجاب، و هذا الأمر يحمل خصوصية شديدة حين يتعلق الأمر بالمرأة، فهي التي تخوض التقلبات و المعارك المتعلقة بفكرة أن يكون للإنسان فلذة كبد، لكن بالنظر إلى هذه الفكرة فهناك حالات غريبة يسجلها جسد الإنسان كل يوم، و هذا ليس جديداً فالإنسان لغز أصلا.
هل تصدق مثلاً أن يصاب الإنسان بالشلل دون أن يكون هناك دلائل عضوية على ذلك ؟ هل تتصور أن يفقد الإنسان إحدى حواسه دون أي دلائل أيضا ؟ تلك إحدى الألغاز التي نطلق عليها الأعراض الكاذبة أو الأعراض النفسجسمية و هي أعراض أساسها نفسي لكنها تظهر بشكل جسدي كدلائل صارخة على وجود رغبة مكبوتة داخل الإنسان لم تخرج، و كأن الجسم ينوب عن الإنسان و يقرر أن يأخذ زمام الأمور لمساعدته على تخطي أفكاره السلبية التي يكتمها، و هذا بالضبط ما يحدث في حالة الحمل الكاذب، لكن احتاج في البداية أن اجعلك تفهم ما الذي يعنيه الحمل الكاذب ؟
الحمل الكاذب أو الوهمي False Pregnancy هو حالة تأتي للمرأة بطبيعة الحال، بحيث ينتفخ بطنها و كأنها تحمل جنينا و لكنها لا تحمل شيئاً سوى مجرد دهون و غازات، قد يكون الأمر غريباً، لكن سيزداد غرابة حين تعرف أن جسدها يتقمص الحالة و كأنها حقيقة فعلاً، فتغيب الدورة الشهرية Period و تكون لديها رغبة في القيئ و قد تتقيأ أحياناً، و يزيد وزنها بشكل مفرط و يترهل ثديها، أما العرض المذهل فهو أنها تشعر بحركة في البطن و تظن أنها الجنين، و لكنها مجرد تحركات غير طبيعية في الأمعاء و قد تكون تشنجات .
قد تسألني ثانية لماذا تظهر الأعراض بهذه الحدة ما دام الأمر وهمي في النهاية، إنها تتشابه كثيراً مع الأعراض النفسجسمية التي ذكرناها و لكن الفرق هنا أن التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في جسد المرأة أثناء الحمل تكون حادة جداً و تحتاج إلى مهيج لهذه الأعراض و هو الجنين طبعاً، أما في هذه الحالة فتوجد أعراض حادة بلا جنين، و يكون ذلك طبعاً أساسه نفسي، و لذلك ليس غريباً ان تلاحظ بعض النساء اللاتي لديهن رغبة قهرية في الإنجاب، رغبة قد تتحول إلى اكتئاب إذا علمت أنها لا تنجب، و قد تكون اعراض اكتئابها جسيمة مثل الخلل في النوم و شهية الطعام و فقدان الدافع و التشاؤم، و قد تبكي طوال الوقت و تفكر في الانتحار و لذلك فجسدها يقرر أن يجعلها تشعر بهذه المشاعر التي تتوق إليها، حتى لو كانت صعبة، إنها تكون فرحة حين تعرف أنها حامل و أنها حقا ستتألم و ستعاني في الفترة القادمة .
و هناك نوع أخر، بحيث تكون فيه المرأة خائفة من تجربة الحمل، خوف قد يصل أحياناً لدرجة القلق المرضي، تكون قلقة طوال الوقت و متهيجة و متوترة و لا تعرف كيف تنام و يكون لديها صداعا مزمناً و ألام في البطن من تأثير التوتر، و لذلك كما قلنا سابقاً يقرر الجسم أن يجعلها تعيش التجربة بحذافيرها، المشكلة في كلا النوعين أن المرأة تعيش التجربة و تهيئ نفسها فعلاً للولادة .
و لكن قد يراودك سؤال الآن، كيف نعرف أنه كاذباً ؟
يقوم طبيب النساء و التوليد بفحص الدم للتأكد من هرمونات الحمل مثل البروجسترون، و أيضاً التأكد من وجود الجنين باستخدام الأشعة التلفزيونية، و بعد التأكد يتم المتابعة مع طبيب النساء، ويفضل أيضاً المتابعة مع أخصائي نفسي حتى يعرف جذور المشكلة من الناحية النفسية و التاريخ النفسي، كما أنه يقوم بتهيئتها للصدمة التي قد تتعرض لها من جراء فكرة أنها ليست حاملاً، و قد يتصور القارئ أن هذه الحالة شائعة و لكنها نادرة جداً، لكن لا بد و أن يتعرف الناس على هذه الحالة التي أثارت لغطا واسعا وتفسيرات مغلوطة مثل الجن و الحسد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة مارڤيليا - Marvelia Magazine
رئيس مجلس الإدارة // فريدة نصر فرج
إرسال تعليق