الدولة الأموية - مجلة مارڤيليا.

 الدولة الأموية



بقلم: الكاتب محمد البسيوني


من أعظم ما قامت به الدولة الأموية هو استئناف حركة الفتوحات الإسلامية بعد أن توقفت بسبب الفتن التي عصفت بالعالم الإسلامي


من أبرز هذه الفتوحات كان فتح وسط آسيا والتي كانت تُعرف ببلاد الترك أو بلاد ما وراء النهر، وهي حاليًا أوزبكستان وتركمانستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، وقد سكنتها القبائل التركية وبعض القبائل الفارسية وكانت تحت سيطرة الفرس والصينيين، حتى تم فتحها في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بقيادة قتيبة بن مسلم الذي وصل بجيوشه حتى حدود الصين، ودخل الإسلام إلى هذه البلاد تدريجيًا حتى أسلم معظم سكانها وبرز منهم علماء وقادة وسلاطين في التاريخ الإسلامي


أما فتح بلاد السند، وهي الآن جزء من باكستان، فقد جاء بعد اختطاف مجموعة من القراصنة الهنود لسفن بها مسلمين ونساء، وعندما طالب الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق بإعادتهم رفض ملك الهند، فأرسل الحجاج عدة حملات فشلت جميعها، ثم أرسل محمد بن القاسم الثقفي الذي نجح في هزيمة ملك الهند وفتح البلاد وضمها إلى الدولة الإسلامية، وكان هذا الفتح بداية اتصال مباشر بين الحضارة الإسلامية والهندية


وفي شمال إفريقيا، وصل المسلمون إلى برقة في عهد سيدنا عمر، وإلى تونس في عهد عثمان، وفي عهد معاوية أرسل عدة حملات إلى تونس أهمها بقيادة عقبة بن نافع الذي سيطر على تونس من البيزنطيين ونشر الإسلام بها وبنى مدينة القيروان، ثم في عهد الوليد بن عبد الملك خرج موسى بن نصير وطارق بن زياد واستولوا على المغرب الأقصى وعاصمتها طنجة وواصلوا الزحف حتى المحيط الأطلنطي، وبذلك تم فتح ليبيا وتونس والجزائر والمغرب


ومن أعظم الفتوحات الإسلامية كان فتح الأندلس في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، حيث عبر طارق بن زياد المضيق الذي سُمِّي باسمه ووصل إلى إسبانيا عام 711م، وانتصر على القوط الغربيين في معركة عظيمة وقعت في رمضان، وبدأت المدن تسقط في يد المسلمين، ثم انضم موسى بن نصير إلى طارق وأكملا فتح الأندلس بالكامل عدا جزء صغير في الشمال الغربي، حتى وصلت الجيوش الإسلامية إلى حدود فرنسا


وفي عهد هشام بن عبد الملك توغلت الجيوش الإسلامية في فرنسا وحققت انتصارات كبيرة، لكنها هُزمت في معركة بلاط الشهداء بقيادة عبد الرحمن الغافقي ضد الفرنج بقيادة شارل مارتل، وكان من أسباب الهزيمة بعد الجيوش عن مركز الخلافة والصعوبات الجغرافية والمناخ البارد، وكانت هذه أقصى نقطة وصلت إليها الفتوحات الإسلامية في أوروبا


كما شهدت الدولة الأموية استكمال فتح بلاد القوقاز جنوب روسيا، حيث بسط المسلمون سيطرتهم على أجزاء من جورجيا وأرمينيا وداغستان، وواجهوا تحديات كثيرة مثل التضاريس الصعبة ودولة الخزر القوية ودعم الروم لنصارى القوقاز، ولم تستقر سيطرة المسلمين دائمًا على هذه المناطق


وبفضل هذه الفتوحات العظيمة اتسعت الدولة الإسلامية بشكل هائل وأصبحت من أقوى دول العالم، وانتشر الإسلام في قارات متعددة، وصُنّفت الدولة الأموية كواحدة من أكبر عشر إمبراطوريات في التاريخ

Post a Comment

أحدث أقدم