لماذا يأكل بعض الناس الطين ؟ تعرف على اضطراب البيكا مجلة مارڤيليا.

 لماذا يأكل بعض الناس الطين ؟ تعرف على اضطراب البيكا .



 كتب//محمد منير 

 بين العقلانية و الجنون حاجز هش لا يمكن ملاحظته بالعين المجردة، فحتى اليوم معايير السواء و اللاسواء ما زالت قيد التطوير مع تطور الإنسان، ففي العهود القديمة التي عاشها الإنسان على الأرض كان يقلق طوال الوقت من نفاذ الطعام أو مهاجمة الحيوانات أو البحث عن الملبس، لكن اليوم هذا القلق أصبح غير منطقي بل و غير مفهوم، و ما دمنا نتحدث عن اللامنطق فنحن اليوم بصدد الحديث عن واحد من أكثر الاضطرابات النفسية غموضاً ألا و هو اضطراب البيكا Pica .

    هو أحد الاضطرابات النفسية الخاصة بالتغذية و الطعام، فهناك مثلاً اضطراب الشره العصبي Bulimia و فقدان الشهية العصبي Anorexia لكن هذه الاضطرابات رغم صعوبتها إلا أن أبعادها واضحة، لكن اضطراب البيكا من الممكن أن يأكل فيه المريض الطين أو الصابون أو الأظافر أو الشعر أو الطباشير.. المهم أنه لا يأكل أي شيء غذائي .

    قد تسأل نفسك الأن ما هذا الاضطراب الغريب و ما هو سببه ؟

    هذه المرة لن أستطيع إرضاء فضولك لأنه حتى اليوم لا يوجد تفسير محكم لهذا الاضطراب، لكن هناك بعض الافتراضات مثل أن نقص العناصر الغذائية في الجسم مثل الحديد و الزنك قد تؤدي إلى اصابة الشخص بهذا الاضطراب، حيث إن التربة توجد بها هذه العناصر و لهذا فالمريض يأكل الطين لتعويض النقص الغذائي في الجسم .

    أما التفسير الأخر فهو أن بعض الأشخاص يأكلون الطين كحيلة دفاعية لمواجهة التوتر و القلق، ألم تعرف شخص في حياتك كان مستعد لإيذاء نفسه و هو في فترات الضغوطات حتى يتخطى هذه الفترة المؤلمة، إذن هذا نوع من الانتقام من الحياة و لكنه في الحقيقة انتقام تجاه الذات .

    و يمكن ملاحظة ذلك الاضطراب أيضاً لدى المعاقين ذهنياً و خاصة الأطفال، مثل متلازمة داون لأنهم يكون لديهم تأخر في النمو العقلي مما يؤدي إلى ممارسة سلوكيات غير عادية و غريبة، و الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يحاول استكشاف العالم من حوله و يستخدم حواسه، و لذلك قد يستخدم حاسة التذوق من أجل استكشاف طعم الطين، و للمفاجأة قد يجد بعض الأطفال طعم الطين لذيذاً ، و يأتي هنا دور الأم في تقييد سلوكيات

الطفل و تعريفه بأن الطين شيء غير صحي .

    و هذا الاضطراب منتشر أيضاً لدى النساء الحوامل، فمن المعروف أن التغيرات الهرمونية التي تفاجئ الأم خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى تجعل سلوكياتها مضطربة، و لكن الأخطر أن يأتي لها ما يُسمى بالوحام، و هذا يعني ببساطة أن الأم بعد الحمل يكون لديها رغبة مُلحة في تناول أطعمة محددة مثل المخلل أو الحلويات و لكن بشكل مفرط، و إن كان هذا يشير إلى شيء فهو أن هناك أيضاً تغيرات أيضاً في الحواس فهي لم تعد تتذوق الطعام مثلما كانت قبل الحمل، و لذلك قد تأتي لها رغبة في تناول الطين أو أي عنصر غير غذائي كونها تظن أن هذا سوف يريحها و لو مؤقتاً، و ما دمنا نتحدث عن الحمل فهو تجربة عسيرة جداً و قد لا تتحملها كل النساء، لذلك يجب أن تفكر المرأة قبل أن تخوض غمار خطوة هي لا تعرف عواقبها، و لا أقصد العواقب التي ستقع على المرأة بل على الطفل .

    و هناك تفسير رائع لهذا الاضطراب و هو أنه من منذرات أمراض مثل الوسواس القهري Ocd أو الفصام Schizophrenia، ففي حالة الوسواس القهري يكون لدى المريض فكرة ملحة أن يفعل سلوك ما و إلا فسوف يشعر بالتوتر و القلق، أما في حالة الفصام فالمريض لا يفكر بشكل منطقي بل هو مغيب و عائش في عالم أخر من صنع خياله، و لذلك فقوانين العالم الذي يتخيله قد لا تكون مثل قوانين عالمنا .

  المهم في النهاية أن العلاج يكون تحت إشراف ثلاث جهات و هي كالتالي :

- خبير التغذية الذي يقوم بوصف بعض المكملات الغذائية للمريض فكما قلنا سابقاً قد يكون السبب في الاضطراب هو نقص العناصر الغذائية .

- الطبيب النفسي و الأخصائي النفسي، حيث يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية المضادة للذهان أو المضادة للاكتئاب، و يقوم الأخصائي النفسي بعمل جلسات نفسية حتى يكتشف جذور المرض و يستطيع علاج المريض سلوكياً .

    و لكن قبل فعل أي شيء لا بد أولاً من إجراء فحوصات على الدم للتأكد من نسبة الحديد و العناصر الأخرى لأن هذا سيسهل عملية العلاج كثيراً .

Post a Comment

أحدث أقدم