نيكروفيليا.. عندما يعشق الإنسان الجثث - مجلة مارڤيليا.

نيكروفيليا.. عندما يعشق الإنسان الجثث .

بقلم : محمد منير 
    ما زلنا نستكشف غرابة السلوكيات البشرية و كل يوم هناك شيء مريب يظهر في الأفق، هل تستطيع تصور كيف تكون مشاعرك تجاه جثة ؟ خواء، حزن، إحباط، خوف و دهشة، أو ربما حب، إنها معركة غريبة يخوضها الإنسان مع نفسه حين يتعلق بحثة، هل تعرف ما هو جوهر الحب بين البشر ؟ إنه التفاعل و الرؤية و الكلام و ربما الاختلاف في الرأي، أما الجثة فهي كتلة زرقاء فارقتها الروح و الدماء، و بعد فترة ليست طويلة ستفوح رائحة نتنة من هذه الكتلة و بعدها تتحول إلى عظام فقط و في نهاية هذه الرحلة لا يبقى من الجثة شيء بل تتحلل .
    و لأن الرحلة مؤلمة فأنت تتجنب الكلام عن الجثث أو رؤيتها، هذه هي فطرة الإنسان التي فطره الله عليها، لكن لسبب ما تختل هذه الرغبة و تتحول إلى فعل معاكس و هو حب الجثث أو ما يسمى (نيكروفيليا)، رغم أنه إحدى الاضطرابات الجنسية إلا أنه لا يوجد معيار تشخيصي ثابت لهذا الاضطراب، ربما هذا يعكس مدى الغرابة التي يواجهها العلماء في استكشاف مكنون هذا الاضطراب .
    المريض هنا يكون لديه رغبة قهرية في رؤية الجثث و التكلم معها لأن هذا يريحه و يشعره بأن حياته لها معنى، يشعر بأن هناك علاقة عاطفية تربطه بالجثث، يتفاعل معها كما لو كانت تشعر به، قد يشعر المريض أيضاً بالحب من النظرة الأولى مثل التفاعل الطبيعي بين البشر و لكن هنا الحب يكون تجاه الجثة، فقد يرى جثة فتاة و يحس تجاهها بالفرحة و السرور و الإعجاب، و قد يتوهم أحياناً أنها أيضاً معجبة به و تكن له مشاعر حارة، لكن المشكلة لا تقف عند هذا الشعور، بل يتطور الأمر إلى أن المريض تكون لديه رغبة ملحة في إقامة علاقة جنسية مع الجثة، و أحياناً قد تتمكن منه الأفكار لدرجة تصل إلى أنه حين يرى الجثة يتوتر و يضطرب، لأنه لا يستطيع المقاومة بل يريد التفرد بها و إخراج الشحنة الجنسية بها .
    لكن هناك شيء أكثر غرابة و هو أن القانون الأمريكي قبل عام 1980 لم يكن يحاكم من يقوم بهذا الفعل، و هذا بطبيعة الحال لأنه لا يمكن لأحد أن يتصور إنسان يقوم بهذا الفعل، و لكن للأسف فالاضطرابات النفسية تفاجئنا دوماً .
    على ذكر هذا الأمر.. هل تعرف قضية كارين جريتلي ؟
   عام 1979 حدثت قضية زلزلت الرأي العام في أمريكا، فتاة عمرها ثلاثة و عشرون عاماً، كانت تتدرب على المهام الخاصة بنقل الموتى للمقابر و دفنهم، و في إحدى الأيام طُلب من كارين أن تنقل جثة شخص ما للمقبرة لكي يُدفن، و لكن مسئولي نقل الموتى لاحظوا أن سيارة نقل الموتى التي كانت تقودها كارين اختفت أكثر من ثلاثة أيام تقريباً، و لكن بعد عدة أيام من بحث الشرطة وجدوا كارين في بلدة صغيرة بالقرب من ولاية كاليفورنيا و معها رسالة تفصيلة بخط يدها بأنها تحب الجثث و لا تستطيع مقاومة تلك الرغبة، و عند التحقيق معها اكتشفوا أنها مارست نشاطات جنسية عديدة مع أغلب الجثث التي كانت تنقلهم .
    قد تفاجئ حين أقول لك أنها لم تُحاكم على أفعالها مع الجثث، بل حُوكمت لأنها سرقت
السيارة بدون إذن، و كان الحُكم حوالي 11 يوماً في السجن و دفعت غرامة قدرها 223 دولاراً، و من الطبيعي أن يثير هذا الحكم القانون، لأن القضية بكل غرابتها سلطت الضوء على ثغرة قانونية في القانون الأمريكي .
    و لقد عُرضت هذه الفتاة على طبيب نفسي للمتابعة معها، و حتى ذلك الحين لم يتم نشر أي شيء بخصوصها، لكن بعد عدة سنوات اعترفت في إحدى اللقاءات المفقودة أنها كانت تفعل ذلك لأنها تشعر بالوحدة و الدونية، كانت تريد أن تشعر بأن لحياتها و أنها تستطيع السيطرة على أي إنسان، و لكن لأن شخصيتها ضعيفة و مضطربة فلم تكن لتجرؤ على ذلك، فقامت بالسيطرة على الجثث و ممارسة ما تريده معهم لأنهم لا ينطقون و لا يرفضون و لا يفعلون أي شيء، بل صامتون و هي تحركهم كيفما تشاء .
    و بعد هذه القضية بدأت الولايات المتحدة تدريجياً بتطبيق عقوبة تجرم هذا الفعل المشين، و أعتقد في رأيي أنه لا يوجد سلوك بلا سبب، هناك دوماً مردود نفسي داخلي عميق .

Post a Comment

أحدث أقدم