اضطراب الشخصية الحدية: معركة داخلية بين الانفعالات والتوازن النفسي ¦ مجلة مارڤيليا ¦

اضطراب الشخصية الحدية: معركة داخلية بين الانفعالات والتوازن النفسي



اضطراب الشخصية الحدية هو من أصعب الاضطرابات النفسية وأكثرها شيوعًا، خاصة في مصر حيث يعاني منه نسبة كبيرة من السكان، كما أن نسبة المصابين به عالميًا تصل إلى 10%. 

فهل هؤلاء الأشخاص يعانون من السيكوباتية أم هم على ما يرام؟ للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نلقي نظرة سريعة على هذا الاضطراب وكيفية تشخيصه.


الطفولة والتربية وأثرهما في تكوين الشخصية


تبدأ القصة من الطفولة، حيث يُزرع في الطفل مجموعة من الأفكار التي تكبر معه وتتحول إلى معتقدات دفينة. 

على سبيل المثال، إذا ترسخت في ذهن الطفل فكرة أنه فاشل، فإن هذا الاعتقاد سينمو معه وسيبدأ في الدفاع عنه وكأنه يدافع عن هويته.


الأفكار والتربية الخاطئة وتأثيرها النفسي


الأفكار التي تتحول إلى معتقدات دفينة نتيجة للتربية الخاطئة يمكن أن تؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب الشخصية الحدية. 

سنتناول في هذا المقال اضطراب الشخصية الحدية، ونتعمق في فهمه.


ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟


يُعد اضطراب الشخصية الحدية واحدًا من أصعب الاضطرابات النفسية علاجًا. الاسم مشتق من كلمة "حد"، والذي يعني النقطة الفاصلة أو النهاية. 

على الصعيد النفسي، يمثل هذا الاضطراب حالة من الانفعال الشديد حيث يصل الشخص إلى أقصى نقطة من التوتر النفسي. 

كما يُعتبر هذا الاضطراب الحد الفاصل بين اضطرابات الشخصية والذهان، مما يعني أن الشخص المصاب بهذا الاضطراب قد يصل إلى بوادر الذهان تحت تأثير الضغط المستمر.


الضغط والانفعال في اضطراب الشخصية الحدية


الانفعال الشديد وغير المستقر هو من أبرز أعراض اضطراب الشخصية الحدية. 

ليس الأمر مجرد انفعال عادي، بل هو انفعال يأتي نتيجة تراكمات سابقة. 

فعلى سبيل المثال، الشخص المصاب بهذا الاضطراب لا يتفاعل فقط مع الموقف الحالي بل يتفاعل مع كل المواقف السابقة التي مرت عليه، مما يؤدي إلى انفجار في الانفعالات.


تغيرات الانفعال وتأثيرها على التشخيص


التشخيص الدقيق لاضطراب الشخصية الحدية يتطلب متابعة دقيقة لتغيرات الانفعال لدى الشخص. 

فمن الممكن أن يكون في حالة عصبية شديدة ثم ينام ويستيقظ في حالة من السعادة. 

هذا التغير السريع في الانفعالات يجعل التشخيص معقدًا، حيث يمكن للشخص أن يظهر ردود أفعال مختلفة تمامًا تجاه نفس الموقف في أوقات مختلفة.


الفرق بين الشخص السوي والشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية


الفرق الرئيسي بين الشخص السوي والشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية يكمن في طريقة التفاعل مع المواقف الطبيعية. 

فعلى سبيل المثال:


- في حالة حدوث موقف يثير الغضب، سيشعر الشخص السوي بالغضب بشكل طبيعي، بينما قد يصل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية إلى حالة من الهياج.

- في حالة حدوث موقف محزن، سيشعر الشخص السوي بالحزن بشكل طبيعي، بينما قد يدخل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية في بوادر اكتئاب.

- في حالة حدوث موقف مفرح، سيفرح الشخص السوي بشكل طبيعي، بينما قد يصل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية إلى حالة من الهوس.


اعراض اضطراب الشخصية الحدية في حالات الانفعال المختلفة


في حالة الحزن، قد يظهر الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية سلوكيات مثل:


- قلة التقدير للذات

- جلد الذات

- أفكار انتحارية


أما في حالة الهوس، فقد يظهر عليه:


- تشتت الأفكار

- نشاط مفرط

- طاقة زائدة

- تحدث سريع


الميكانيزمات الاستفزازية في اضطراب الشخصية الحدية


الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية قد يستخدم أساليب استفزازية للتعامل مع طاقته السلبية.

 فعلى سبيل المثال، قد يحاول تفريغ هذه الطاقة من خلال الانفعال الشديد، البكاء، أو حتى إيذاء النفس. 

في الحالات الأكثر خطورة، قد يفكر الشخص في الانتحار.


العلاقات العاطفية واحتياجات الشخصية الحدية


الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية غالبًا ما يعانون من احتياجات منقوصة نتيجة تربية غير سليمة، مما يدفعهم للبحث عن تلبية هذه الاحتياجات من خلال العلاقات العاطفية.

 على سبيل المثال، قد تبحث فتاة كانت تفتقر للأمان في طفولتها عن شريك يوفر لها هذا الأمان، ولكنها قد تفرط في الاستنزاف العاطفي مما يؤدي إلى ظهور خوف من الهجر.


العوامل المسببة لاضطراب الشخصية الحدية


- التربية: التربية عامل أساسي في تطور أي اضطراب نفسي، حيث تؤثر بشكل مباشر على نوع الاضطراب وشدته.

- الوراثة: الوراثة تلعب دورًا بسيطًا، حيث يمكن أن تؤثر على اللوزة الدماغية المسؤولة عن التعبير عن الانفعالات.


التعايش مع اضطراب الشخصية الحدية والعلاج


العلاج اللحظي لاضطراب الشخصية الحدية يتطلب فريقًا نفسيًا كاملاً، ومن أشهر أساليب العلاج المستخدمة هو الاستبصار.

 يتضمن الاستبصار التركيز على الموقف والشعور في اللحظة الحاضرة وتسجيلهم، ثم القيام بتمارين خاصة تساعد على تقليل الانفعالات.


في النهاية


الشخصية الحدية ليست شخصية سيكوباتية ولا "100 فل وعشرة"، لكنها تعاني من صراع داخلي بين الانفعالات والتوازن النفسي. يجب على المحيطين بهم فهم طبيعة هذا الاضطراب والتعامل معهم بحذر ودعمهم في رحلة العلاج.


كتبت بواسطة: سمر حسن

Post a Comment

أحدث أقدم