فيلم شماريخ { البحث عن الخلاص } مجلة مارڤيليا.
كتب // محمد منير
تستطيع بسهولة ملاحظة أن هذا الفيلم خُلق للمتعة و التسلية فقط و هذا لا يقلل من قيمته الفنية، بل إن مخرج الفيلم عمرو سلامة اعترف بأنه كان يريد صنع فيلم تجاري للتسلية، و من ينظر في تاريخ هذا المخرج يجد أن له بصمة فريدة في أفلام عديدة تركت أثراً لا يُمحى في الوجدان السينمائي المصري الحديث، فمثلاً فيلم زي النهاردة الذي صدر عام 2008 و جاء بمنظور جديد للافلام النفسية المصرية، المنظور الظلامي الذي يعتمد على الكادرات غير المريحة و الأجواء الغامضة و العنف، ثم بعدها أخرج فيلم أسماء الذي يراه عدد هائل من المشاهدين أهم أفلامه، و من بعدها توالت تجارب عديدة مثل فيلم لا مؤاخذة و فيلم صنع في مصر و فيلم الشيخ جاكسون و فيلم برا المنهج و أخيراً فيلمنا اليوم شماريخ الذي يختلف كلياً عن كل هذه الأفلام في كونه فيلم أكشن، و حين تأتي كلمة أكشن في جملة مفيدة يتبادر إلى ذهنك أنه فيلم لتسلية الاصدقاء.. فهل هذا هو مكنون الفيلم فعلا ؟
في نظري أرى أن الفيلم هو حدث يراه المشاهد رؤية ذاتية، فمثلاً أنا قد أشعر بأن هذا الفيلم فلسفي و عميق و أخر يراه فيلم حركة به مشاهد عراك جيدة و هكذا دواليك، و ما دمت قررت أن أكتب هذا المقال عن هذا الفيلم بالتحديد فلا بد أن أنبه بأن هذه هي رؤيتي أنا و إحساسي أنا.
في الحقيقة قرار التوبة أحياناً لا يُبشر بطريق زاهية مليئة بالزهور، إنه القرار الذي يختبر به الإنسان قناعاته و أفكاره المشوهة، و لذلك فالفيلم يتحدث عن التوبة و كيف تكون عواقبها في إطار من الاكشن و الإثارة.. حيث يحكي عن بارود القاتل المأجور الذي كُلف بقتل شخص ما في أول مشهد في الفيلم و بالفعل يقوم بقتله لكن هناك العديد من التبعات التي تتعلق بهذا القتل و أنا لا أريد أن أحرق أحداث الفيلم .
بارود اسمه الحركي لكن اسمه الحقيقي رؤوف، و أعتقد أن التبرير الدرامي لهذا الإسم هو أنه أثناء عمليات تجارة السلاح تقوم العصابات في الفيلم بإشعال مئات الشماريخ التي تملأ السماء بالانفجارات و تلهي الجميع عن عمليات التجارة و شخصية بارود تمثل جزء هاماً من هذه العمليات لأنه الابن غير الشرعي لزعيم هؤلاء التجار .
و طوال الفيلم الشخصية الرئيسية مهزرزة في قرار كونها بارود أم رؤوف لكن تدريجياً تتحول شخصيته حتى تصل إلى مفترق طرق .
الأجواء العامة للفيلم ستذكرك بأفلام مثل seven و batman 2022.. لكن هذا التأثر أضاف الكثير لأجواء الفيلم و ما دمنا نتحدث عن الأجواء.. فصناعة أجواء الفيلم تتطلب تمكن في إدارة التصوير و الأداء التمثيلي و الموسيقى التصويرية و هذا ما حدث فعلاً، بالتجربة البصرية في هذا الفيلم من أجمل ما يكون.. حتى في أحلك معارك الفيلم كانت الألوان مع زوايا التصوير و تكوين الكادر كأنها لوحة فنية من شدة جمالها .
الأداء التمثيلي في هذا الفيلم كان رائعا من أغلب من الممثلين.. أسر ياسين أداءه هادئ و كان لديه تحدي بدني في هذا الفيلم و هو توظيفه في مشاهد الأكشن الطويلة الone take و هي مشاهد تؤخذ كلها مرة واحدة دون أن أي قطع في المونتاج، و لذلك فالدوبلير لا يستطيع المخرج إخفاءه في هذه المشاهد و أتصور أن أسر نجح كثيراً في هذه المشاهد، أما أمينة خليل فكانت جيدة جداً، لم أر أي جديد في أداءها لكن الدور في حد ذاته خطوة جيدة، و لا أنسى أبدا الأداءات الرائعة من الأدوار الصغيرة مثل خالد الصاوي و مصطفى درويش.. أما الأداء الأبرز في نظري فهو بالتأكيد للمثل الشاب أدم الشرقاوي.. أداء لا ينسى للشخصية السادية.. تركيبة شخصيته ورقيا كانت جيدة و تمثل تحدي حقيقي لأي ممثل لأنها تقف حائلا بين نجاح باهر للشخصية أو فشل ذريع من المبالغة.. و جمال أداء أدم في أنه جعل الشخصية مثيرة للاهتمام و خطف الكاميرا في كل مشهد ظهر فيه .
و كما قلت سابقاً بالتجربة البصرية كانت بديعة و خاصة في مشاهد الشماريخ و الصواريخ، و كذلك الموسيقى التصويرية الأكثر من رائعة للموسيقار اسماعيل نصرت .
و من أهم مزايا الفيلم هو أنه متنوع في فصوله، فالفصل الاول كان فيلم اكشن تقليدي و الفصل الثاني فيلم رومانسي و مناورة شبيه بأجواء فيلم knight & day لتوم كروز و الفصل الأخير فلسفي و صادم مع مشهد ختامي محير يشبه كثيراً المشهد الاخير في فيلم واحد من الناس .
بالنسبة لي هذا الفيلم خطوة للأمام لصناعه، رغم ما وطئه من نقد حاد من البعض إلا أنني أراه تحفة فنية قابلة للمشاهدة أكثر من مرة.
إرسال تعليق