هل سمعت يومًا عن اختبار المارشميلو ؟ - مجلة مارڤيليا.

هل سمعت يومًا عن اختبار المارشميلو ؟ 



بقلم: محمد منير حمدان 


في ستينيات القرن الماضي، كان هناك عالم نفس أمريكي يُدعى "والتر ميشيل"، كان هذا الباحث مهتمًا بموضوع ضبط النفس لدى الأطفال (Self-Control)؛ وذات يوم، قرر أن يبتكر طريقة سلوكية يستطيع من خلالها قياس قدرة الطفل على الانضباط وتجنّب الاندفاع.


فما الذي فعله؟ 

ببساطة، كان يضع الطفل في غرفة بمفرده، ويضع أمامه قطعة من المارشميلو، ثم يقول له ما معناه:

"إذا تمكنت من الانتظار حتى أعود دون أن تأكل قطعة المارشميلو، فسوف أعطيك قطعة أخرى، أي أنك ستحصل على اثنتين."


بعد ذلك، يخرج والتر من الغرفة ولا يعود إلا بعد مرور 15 دقيقة... وقد لاحظ أن بعض الأطفال استطاعوا أن يتحكموا في أنفسهم، بينما لم يستطع الآخرون ذلك.


ولكن، الأهم من ذلك لم يكن سلوك الأطفال أثناء الاختبار، بل نتائج التجربة على المدى البعيد؛ إذ حاول والتر تتبع حياة هؤلاء الأطفال لاحقًا، فوجد أن أولئك الذين تمكنوا من الانتظار كان لديهم مستوى دراسي جيد، لا يتوترون بسهولة، وكان وزنهم معتدلًا، والأهم من ذلك أن تفاعلهم الاجتماعي كان ممتازًا.


قد تبدو هذه التجربة مُثيرة للاهتمام بالنسبة لك، لكنها للأسف ليست خالية من الإشكالات، ما قد يجعل من الصعب تطبيقها على جميع الأطفال، أو على الأقل يجعل نتائجها غير دقيقة تمامًا...

فالأطفال المنتمون إلى أسر غنية، على سبيل المثال، لن يشعروا بالقلق من الانتظار، لأنهم اعتادوا على الوفرة وعدم الحاجة للاندفاع.

كما أن الربط بين القدرة على الانتظار والتفوق الدراسي ليس دقيقًا تمامًا، فقد يكون مستوى الأسرة التعليمي والاجتماعي متدنيًا، مما يؤثر على التحصيل الدراسي بغض النظر عن قدرة الطفل على ضبط نفسه.


فهل يعني ذلك أن التجربة عديمة الفائدة؟ 😏

بالطبع لا.

فللتجربة قيمة كبيرة، إذ يمكن استخدامها كمؤشر على بعض الاضطرابات التي تتعلق بضعف السيطرة على الاندفاع، مثل:


اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، حيث يتصرف الطفل استجابة لرغباته الفورية دون التفكير في العواقب.


اضطراب التحدي المعارض (ODD)، حيث يرفض الطفل تلقي الأوامر، فإذا طلبت منه الانتظار للحصول على القطعة الثانية فقد يرفض ذلك لمجرد أنه يعتبره أمرًا.


بالإضافة إلى بعض الاضطرابات الأخرى مثل اضطراب السلوك (Conduct Disorder) وبعض اضطرابات القلق.



وقد حاول علم النفس العصبي (Neuropsychology) أيضًا تفسير هذه الظاهرة، حيث تبين أن هناك منطقة في الدماغ مسؤولة عن الانتظار وضبط النفس، وهي تكون أقل نشاطًا لدى الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الاندفاع... هذه المنطقة تُعرف باسم قشرة الفص الجبهي (Prefrontal Cortex)، وقد تحدثنا عنها كثيرًا من قبل.


وإذا أردت أن تطبّق هذا الاختبار في الوقت الحاضر، فينبغي أن تأخذ في اعتبارك الخلفية الاجتماعية والثقافية للطفل، كما أنه ليس من الضروري استخدام المارشميلو نفسه، فقد لا يُحبه بعض الأطفال – أنا شخصيًا لا أحب المارشميلو  – وبالتالي فلن تفرق معهم إن انتظروا أو لا.


وأخيرًا، كما ذكرت سابقًا، نتائج هذا الاختبار وحدها ليست كافية للتنبؤ أو التقييم.

وقد قرأت هذه النصائح في دراسة نُشرت عام 2018 تناولت هذا الموضوع بشكل نقدي. 

Post a Comment

أحدث أقدم