كيف تصنع حبكة روائية محكمة - مجلة مارڤيليا.

 كيف تصنع حبكة روائية محكمة ؟



كتب // محمد منير حمدان 

    يظن أغلب الكُتاب الجدد أن صناعة الحبكة تحتاج إلى فكرة لم يسبق أن فكر فيها أحد من قبل، و أمام ذلك المعتقد أظن أنني يجب أن أقول لهم أن هناك حكمة قديمة تقول " لا جديد تحت الشمس "، هذا يعني أن كل جديد يمكن أن تفكر فيه هو في الحقيقة قد صُنع من قبل على يد كاتب أخر، قد تكون هذه مباغتة محبطة لأي كاتب، لكن مع الوقت ستعرف أن هذه المباغتة ستكون مصدر قوة نصك الروائي، أنت فقط تحتاج أن تعرف أي نوع من الروايات تحب أن تكتب و ستجد نماذج عديدة لهذا النوع، فمثلاً هل تفكر في رواية رومانسية بين بطل فقير يقابل فتاة ثرية أو العكس و يقعان في الحب !!

    قصة الحب التي تدور في هذا المحور الطبقي قد صُنعت منذ زمن طويل على يد ويليام شيكسيبر في مسرحيته الشهيرة ( روميو و جوليت )، نعم أنت تتصور الأن أن قصة الحب التي تدور بمخيلتك ستكون أسوأ قصة كُتبت لأن القارئ سيحكم عليك قبل القراءة أنك سارق و زنديق، لكن قد أفاجئك بشيء قد يشعل الحماسة بداخلك، القارئ يا صديقي لا تهمه الفكرة بقدر ما تهمه المعالجة الدرامية للفكرة، أعتقد أنك شاهدت فيلم Titanic و انبهرت بقصة الحب الحالمة بين روز و جيك، لكن لو فكرت قليلاً مع نفسك لوجدت أن الفكرة الرئيسية للفيلم مطابقة تماما لروميو و جوليت، لكن أنظر إلى تأثير المعالجة الدرامية و كيف جعلك تتعلق بأحداث الفيلم .

    مؤلف فيلم تايتنك جيمس كاميرون حاول أن يضع مجموعة من التيمات في نطاق واحد، فمثلاً وضع تيمة الاقتباس من قصة حقيقية مأساوية و هي قصة غرق السفينة، و وضع أيضاً تيمة الطبقية و النزاع السياسي بين الطبقات الاجتماعية، ثم في النهاية وضع قصة روميو و جوليت، هل لاحظت الأن كيف تكون المعالجة أهم من الفكرة ؟

    أنظر مثلاً إلى قصة فاوست من تأليف كريستوفر مارلو، و هي قصة لها صدى كبير جداً في أوروبا، حيث أنها تحكي عن طبيب يبرم عقداً مع الشيطان لكي يجعله واعياً بالمعرفة المطلقة، هل يذكرك هذا بشيء ما ؟ نعم أكيد أنت شاهدت فيلم سفير جهنم و هو قريب الشبه جداً بقصة فاوست، و قصة فيلم الريس عمر حرب، و قصة فيلم The Devil Advocate ، و مسلسل ونوس، لكن تأمل كيف ساهمت المعالجة في جعل كل هذه القصص

منعشة.

    إذن كل ما تحتاج إليه هو أن تحدد التيمة التي تريد العمل عليها، هناك تيمه أسمها شخص واحد في مواجهة الجميع One Vs All و هي تيمة يحبها القارئ و المشاهد كثيراً، حيث أنك ترى شخص واحد ضعيف يواجه عدد هائل من العقبات، على سبيل المثال و ليس للحصر رواية Rain Maker لجون جريشام، تحكي هذه الرواية عن محامي شاب حديث التخرج يتورط في قضية مع عصابة خطيرة جداً، و رواية Coma للطبيب الأمريكي روبن كوك و التي تتحدث عن طالبة في كلية الطب في السنة الثالثة تقوم هي و مجموعة من زملائها بجولات تدريبية في غرف الجراحة و العناية المركزة، لكن تكتشف هذه الطالبة شيء ما يجعلها تتورط طوال القصة مع مجموعة من الأطباء الذين يتكتلون عليها .

    نموذج أخر للتيمات Themes و هو تيمة السمكة خارج الماء Fish out of Water و التي تعني ببساطة وضع الشخصية الرئيسية في مكان صعب أو مزعج أو بعيد عن منطقة الراحة الخاصة بالبطل، و لذلك سُميت بتيمة سمكة خارج الماء لأن الماء هو منطقة الراحة الخاصة بالسمكة و خروجها من البحر يعني أنها ستتعذب حتى الموت، و مثال على هذا النوع قصة مسلسل بالطو، تتحدث القصة عن طبيب شاب حديث التخرج وجد تكليفه في مكان بعيد عن بيته، ليس هذا فقط بل المثير للاهتمام في القصة أن هذه الطبيب يعاني من اضطراب الشخصية الاعتمادية و كما هو معروف أن أي مهنة و مهنة الطب على وجه الخصوص تحتاج إلى نوع من الذكاء الاجتماعي، فكيف سيواجه البطل كل هذه العقبات ؟

    المهم، قبل أن تقرر الإمساك بالقلم لا بد أن تعرف ما هي التيمة التي ستتأثر بها في قصتك، و هناك عدد هائل من التيمات يمكنك القراءة عنه متى شئت، لكن لا تفهم كلامي بشكل خاطئ، أنا لا أريدك أن تقلد تقليداً أعمى بل أن تبحث في جذورك و مواقف حياتك لتجد شيئاً يمكن إضافته على القصص التي تقرأ عنها، و لكي تدرب نفسك على هذا الأمر، تذكر فيلم تحبه جداً ثم امسك ورقة و قلماً و تخيل مع نفسك ماذا لو كانت هذا الفيلم من تأليفك، كيف ستكون ملامح الشخصيات ؟ ما هي حجم العقبات التي ستواجه بطلك ؟ كيف ستكون نهاية القصة ؟

    درب نفسك على هذا التمرين أكثر من مرة و ستجد أن قلمك يتحسن مع الوقت .

Post a Comment

أحدث أقدم